• بير رستم الكورد في المعادلات السياسية • مقالات وأبحاث

 

لتحميل الكتاب يرجى الضغط على الرابط التالي :

https://www.4shared.com/web/preview/pdf/kD36XboDce?

  • اسم العمل: الكورد في المعادلات السياسية
  • اسم المؤلف: بير رستم
  • نوع العمل: مقالات وأبحاث
  • الطبعة: الطبعة الالكترونية الأولى 3-آذار-2017م
  • الناشر: تجمع المعرفيين الأحرار
  • رقم التسلسل : 14

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف

  • حقوق نشر الكتاب محفوظة للمؤلف والنسخة الالكترونية ملك لتجمع المعرفيين الأحرار

https://reberhebun.wordpress.com/

لنشر أعمالكم يرجى الاتصال ب

reber.hebun@gmail.com

 

 

 

 

 

الكورد ..

بين الوطنية والقومية

 

إن القضية الكوردية كإحدى أهم القضايا القومية العالقة في منطقة الشرق الأوسط – ولا نجانب الحقيقة؛ إن قلنا العالمية – والتي لم توجد الحلول المناسبة لها، وإلى الآن وذلك رغم تناسي بعض الشعوب لمصطلحات مثل الاستعمار والانتداب والمحتل – على الرغم من دخول القوات الدولية إلى عدد من البلدان، مثل العراق وأفغانستان ولكن بهدف تحرير تلك الشعوب من استبداد وطغيان حركات وتيارات قومية شوفينية أو سلفية إرهابية – وكذلك وبعد إنتهاء عصر الحرب الباردة وما لحقت بالشعوب المستضعفة نتجة سياسات القطبين وتحالفاتها مع الأنظمة المستبدة في تلك البلدان وعلى حساب حرية وكرامة تلك الشعوب وخاصةً (الأقليات) المتواجدة فيها. نقول بعد كل هذه المراحل ما زالت القضية الكوردية وبحركتها السياسية تتخبط في التنظير لقضاياها الأساسية ومنها مسألة الإنتماء الوطني.

 

وإننا سنحاول أن نوضح فكرتنا ورؤيتنا من خلال طرح مجموعة أفكار في سياق مقالنا هذا، ولكن قبل هذا وذاك نود أن نقدم تعريف ويكيبيديا لعدد من المصطلحات الجيوسياسية ونبدأ مع الوطن و(وجع القلب) حيث تكتب ويكيبيديا بأن: “الوطن هو عبارة عن مساحة الأرض أو المنطقة التي يرتبط بهاالشعب ارتباطاً تاريخياً طويلاً. المنطقة التي تولدت فيها الهوية الوطنية للشعب. ليست هذه المنطقة الجغرافية بالضرورة مكان ولادة الشخص، بل هي المنطقة الجغرافية التي ولدت فيها أمته. تعني هذه الكلمة في لغات مختلفة الوطن في السياق المعبر عن الانتماء كما في اللغة الألمانية (Heimatland) وفي اللغة الإنجليزية (Homeland) أي أرض البيت، أو في السياقات القومية، مثل: أرض الآباء (Fatherland)، أو أرض الأم (Motherland)، أو الأم الأرض (Mother country)”. أما في اللغة الكوردية فإن الوطن يعرف بعدد من المصطلحات منها: ولات (Welat) وأرض الكورد (Kurdistan) وكذلك بـ: خاك (Xak) (أي الأرض والوطن). وهكذا ومن خلال ما تقدم فإن الوطن هي الجغرافية والأرض التي تحتضن الإنسان والوطنية هي العلاقة الحسية والوجدانية مع تلك الجغرافية.

 

ولكن لنعد إلى القضية الأساسية لمقالتنا هذه؛ علاقة الإنسان الكوردي بهذه المصطلحات/القضايا؛ أي علاقته بكل من المفاهيم التالية: الوطن والوطنية وكذلك قضية الأمة والشعب والقومية وأحياناً المزج المتعمد، من قبل الحركة السياسية الكوردية وبمختلف تياراتها وأحزابها، بين مجموعة قضايا/مصطلحات وذلك إما بغاية التوفيق أو التلفيق وهرباً من التبعات المترتبة على وضوح الرؤية والبرنامج السياسي المطروح، إن كانت في مواجهة السلطات السورية وخاصةً بشقه الأمني الطاغي على الحياة العامة في البلد أو خوفاً من محاسبة القواعد والجماهير الكوردية وذلك عند إنقشاع الحالة الضبابية عن (برامجهم السياسية)، فلذلك لا تجد تلك الحدود الفاصلة والواضحة بين تلك المواضيع والقضايا وتعريفاتها الاصطلاحية.

 

ولتوضيح الفكرة أكثر نورد الرسالة التالية والتي وردتنا من أحد الإخوة والذي يدير موقعاً الكترونياً وذلك تعليقاً على مقالتنا والتي نشرناها تحت عنوان “الكانتونات العربية في المناطق الكوردية” حيث كتب لنا: (بسم الله الرحمن الرحيم.. الأخ والأستاذ والحبيب بير رستم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.. أرجو أن يتسع صدرك لتعليقي على مقالكم هذا، علماً أننا نشرناه في باب ساحة حرة. الأخ الحبيب: طرح المسألة بهذه الحدّيّة ليس صائباً ولا مقبولاً، وبناء جدار عازل في سورية بين الكرد والعرب غير ممكن وليس في صالح الكرد. وإنهاء المقالة بالقول “فإن مصيرنا في غرب كوردستان لن يكون بأفضل من مصير الشعب الفلسطيني و.. فهمكم كفاية” ليس فيه أدنى توفيق. وكأننا أمام استعمار صهيوني استيطاني!!! ما هذا الكلام؟ كيف يمكن لنا أن نشبّه بالصهاينة مواطنين نطالب أن نعيش معهم على قدم المساواة في الحقوق والواجبات. كيف يمكن للأخوة العربية الكردية أن تجد طريقها إلى النور في ظل شعور كهذا؟ كيف يكون شعور الكرد إذا سمعوا من بعض المتطرفين العرب وصف التجمعات الكردية في مدن كدمشق وحلب بالكانتونات الكردية؟ ألا يتهمونهم حينئذ بالشوفينية والعنصرية المقيتة!!؟؟ إذا أصررنا على طرح كهذا فإن من حق العرب أيضاً أن يمنعونا من الشراء والتملك في مناطقهم! فهل هذا ما يريده الكرد؟ الجواب بالتأكيد هو بـ: كلا. فإنهم ـ الكرد ـ يريدون سورية وطناً لجميع أبنائه من عرب وكرد وغيرهم. وإذا كان ثمة دليل لدى مَن يقول إن الدولة قد وضعت يدها على أراض كردية هنا أو هناك ثم وزعتها على عرب استقدمتهم من مناطق أخرى فإن القضاء العادل كفيل بإعادة الحق إلى نصابه وإنصاف المظلومين. ولكن لنوجِدْ أولاً هذا القضاء، ولنتعاونْ جميعاً في سبيل تخليص سورية من هذا الظلم الذي اكتوى الجميع بناره. الأخ الحبيب: إننا نريد أن نكسب لصالح قضيتنا الكردية العادلة أكبر عدد من المواطنين العرب وغيرهم. نرى أن هذا الأسلوب يؤلّبهم  علينا أكثر مما يجعلهم متعاطفين معنا.. وفي الختام تقبلوا تحيات أخيكم. إبراهيم درويش؛ المشرف على الموقع).

 

إننا لن نناقش الأخ العزيز “إبراهيم درويش” بكل النقاط التي وردت في الرسالة، ولكن فقط نود أن نوضح بأن هناك فارق وبون شاسع سياسياً وحقوقياً بين مواطن سوري؛ مهما كان إنتماءه الأتني القومي والذي يستملك عقارٍ ما وفي أي بقعة سورية من خلال عملية الانتقال الداخلي الطبيعي وبين تلك المشاريع العنصرية الشوفينية من (الحزام العربي أو الإصلاح الزراعي) والتي أستهدفت المناطق الكوردية، بأن سلب من الكورد مساحات شاسعة من أراضيهم وأملاكهم ووزعتها على مواطنين سوريين عرب ومستقدمون من خارج المنطقة؛ حيث الأولى حق طبيعي لكل المواطنين السوريين وتحت هذا الشرط  والظرف يندرج التواجد الكوردي خارج مناطقهم، بينما العرب الذين أُستُقدِموا إلى المناطق الكوردية ومن خلال المشاريع السابقة يندرج تحت مشروع عنصري يستهدف التركيبة الديموغرافية للمناطق الكوردية وذلك بحجة تغييرها للوصول إلى ما سمي من قبل البعض بـ”مناطق التمازج السكاني”.

 

ولكن القضية الأهم والتي يجب أن نقف عندها، هو لما كان الإلتباس السابق والذي رأيناه عند الأخ “إبراهيم درويش” وهو الذي كتب لنا: “وكأننا أمام استعمار صهيوني استيطاني!!!” وبالتالي نافياً عن سوريا كـ(دولة ونظام) “تهمة الاستعمار والاستيطان”، بل إن هذه الرؤية تجدها عند معظم – إن لم نقل كل – النخبة الكوردية بشقيه السياسي والثقافي، ناهيك عن الجماهير الكوردية.. فمن أين بدأت هذه الإشكاليات والرؤية الضبابية للمواضيع والقضايا السياسية. إننا نعتقد جازماً بأن “الكرة في ملعب الحركة السياسية الكوردية” وهي التي تتحمل وزر هذه الضبابية والقصور في التحليل، وذلك بتهربها من “وضع النقاط على الحروف” و”تسمية المسميات بأسمائها”؛ ولنوضح هذ الفكرة أكثر وذلك من خلال المقولة الشهيرة للكاتب السوسيولوجي التركي المعروف “إسماعيل بشكجي” وذلك بخصوص وضع كوردستان السياسي حيث يقول بأنها “مستعمرة دولية” وهو يقصد بالتأكيد أجزاء كوردستان الأربعة، وإلا لكان حرياً به أن يكتب “مستعمرة تركية” وذلك بخصوص الجزء الكوردستاني المحتل من قبل الدولة التركية الحالية وقبلها العثمانية مع الجزئين الحاليين في كل من سوريا والعراق بعد سلخ لواء الموصل والشريط الشمالي والشمالي الغربي من سوريا حالياً.

 

إذاً فكوردستان كجغرافية وطنية للشعب الكوردي هي محتلة من قبل دول عدة في المنطقة وبمساعدة دولية وإتفاقياتها السيئة الصيت بحيث جعلت العالم السوسيولوجي والأستاذ القدير “إسماعيل بشكجي” يقول عنها بأنها “مستعمرة دولية”. وكذلك بدأنا أخيراً نسمع مثل هذه الأطروحات من بعض الأخوة والزملاء من الكتاب العرب ومنهم الأستاذ “منذر الفضل حيث كتب في “نداء عاجل إلى الرأي العام” وذلك بصدد المرسوم (49) والاعتقالات التي تلته في دمشق ما يلي: “نحن نؤمن بان الانتصار سيكون للشعوب دائما وهذا ما تكشف عنه تجارب التاريخ، وإن انتصار الشعب الكوردي في غرب كوردستان على الجلادين أكيد لا محالة, وإن الباطل يبقى ضعيفا مهما كانت قوته العددية والمالية, ومصير نظام صدام خير شاهد على ذلك، فهل يتعظ حكام النظام في سوريا من مصير الانظمة الفاشية والحكام الظالمين؟!”. ونعتقد بأن قوله لا يحتاج إلى توضيح أكثر وذلك بإقرار جغرافية كوردستانية في سوريا؛ أي غرب كوردستان.

 

وبعد هذا ألا يحق لنا أن نتساءل؛ لما يخاف المثقف والسياسي الكوردي أن يقر بوجود جغرافية كوردستانية محتلة من قبل الدولة السورية وإن كان عن طريق الإلحاق بها (أي بالدولة السورية الحديثة) وذلك من خلال إتفاقيات دولية – وهنا رب قائلٍ يقول: بأن ذاك الالحاق لم يكن بإرادة الشعب السوري بعربه وكورده وبقية المكونات. نحن أيضاً ومن جهتنا نؤكد على ذلك، ولكن أليس الاستمرار على الإبقاء على القضية الكوردية في غرب كوردستان من دون حلول لها لهي إرادة سورية نظاماً ومعارضة إلى حدٍ ما وحتى بمشاركة كوردية (حزبية)، لدرجة كبيرة، من خلال برامجها الهزيلة –  وذلك على الرغم من إقرار بعض الأحزاب الكوردية لمفهوم جغرافية (كوردستان سوريا) في برامجها وأن القضية (أي القضية الكوردية في سوريا) هي “قضية أرض وشعب” وبأن “الشعب الكوردي في سوريا يعيش على أرضه التاريخية” وكذلك إقرار كل الأطراف والكتل والأحزاب الكوردية بأن “كوردستان تعرضت تاريخياً للتقسيم بين أربع دول وهي تركيا وإيران وسوريا والعراق”، أليس هذا يعني شيئاً واحداً بأن جزء من كوردستان هي محتلة ومغتصبة من قبل الدولة السورية الحالية، أم هي “هبة” من تلك الأحزاب والنخب الثقافية للحكومة السورية، أم ذاك نفاق سياسي أو ما يمكن إدراجه تحت يافطة (التقية السياسية) وعلى مبدأ “التقية الدينية” في أزمنة خلفاء الجور، وذلك عند التهرب من إقرار واقع جيوسياسي للمناطق الكوردية في سوريا.

 

ومن هنا.. من هذه الإشكالية، كان الالتباس في مفهوم الوطنية؛ أهي كوردستانية أم سورية أم معاً والترويج لما يمكن بتسميته بالدوغمائية الكوردية في طرح المواطنة والقومية وبحيث بتنا ننوس بين الإنتماء الوطني السوري والقومي الكوردي والخلط بينهما، ناهيك عن الإنتماء الكوردستاني كـ(حلم) للشعب الكوردي. وبالتأكيد هذه ليست دعوة للثورة والإنقلاب على سوريا كـ(وطن) يضمنا جميعاً وبكل مكوناتها والعمل لأجل حق تقرير المصير للشعب الكوردي في غرب كوردستان وتشكيل الدولة الكوردية، وإن كان ذلك دعوة شرعية وحقوقية وإنسانية؛ حيث تقرها شرعة حقوق الإنسان وكذلك القانون الدولي ومنبثقاتها من الهيئات الدولية ومقرراتها وأيضاً هو حق إنساني وذلك من خلال “حق الشعوب في تقرير مصيرها” وبالتالي فهي ليست دعوة ل”بناء جدار عازل في سورية بين الكرد والعرب” بقدر ما هي الإقرار بتنوع حضاري ثقافي وجغرافي (أقاليمي) والتي تؤسس الأرضية الحقيقية لحل القضية الكوردية في سوريا وعلى أساس أنها تتألف من إقليمين جغرافيين. وبالتالي وإنطلاقاً من هذا الفهم وأيضاً نتيجةً لعدة قضايا ومسائل إشكالية تتعلق بالتاريخ والجغرافية وموازين القوى الإقليمية والدولية ووضع الشعب الكوردي في غرب كوردستان وحركتها السياسية، فإن تجربة إقليم كوردستان (العراق) ومع مراعاة الشرط الظرفي والجغرافي للمناطق الكوردية في الشريط الحدودي لسوريا، يمكن أن تكون تجربة رائدة في المنطقة ليس لحل القضية الكوردية في الأجزاء الأخرى من كوردستان، ولكن لكل القضايا القومية العالقة الأخرى كقضية الشعب الأمازيغي مثالاً.

 

وهكذا لا يسعنا في الأخير إلا أن نقول: كفانا تقليداً لـ(سياسة النعامة)؛ بأن نقر في برامجنا السياسية (الحزبية) للحركة الكوردية بأن “كوردستان تاريخياً تعرض للتقسيم بين أربع دول” وبأن “القضية الكوردية في سوريا هي قضية أرض وشعب” وكذلك على أن “الشعب الكوردي في سوريا يعيش على أرضه التاريخية” ومن ثم نتهرب من تسمية جغرافيتنا المغتصبة بـ”غرب كوردستان” وعلى أنها محتلة ومستعمرة. وهكذا فإننا نعتقد أنه قد آن الآوان لأن نتناقش بصوت عال ولكن بعقلانية وموضوعية، حيث الإقرار بواقع سوريا الحضاري والاتني والجغرافي والثقافي لا يعني بالضرورة “وضع جدران عازلة بين مكوناتها” بقدر ما هو البحث عن الحلول الحقيقية لقضاياها العالقة وكذلك لكوننا نعتقد بأن النفاق السياسي يعقد قضايانا السياسية أكثر مما هي وذلك بدل البحث عن المخارج ومن بعد أن نكشف عن كل الأوراق ونتحاور حول تلك القضايا العالقة بوضوح وجرأة ومسؤولية.. وهذا ليس (تنمُّراً) من وراء الحدود – وهذه المقولة موجهة لبعض النكرات التي تحاول النيل من الأصوات التي تتحدث بجرأة وعلانية، وأينما كانوا في الداخل أو الخارج – ولكن كشفاً (وليس إكتشافاً) للحقيقة والواقع بعد أن رُفِعَ سوط الجلاد عن ظهرنا وهي كذلك.. دعوة للحوار الجاد.

 

هولير – 2008

أضف تعليق