الأزمة والمصير، لاوند ميركو ، بحث

17185872799_2d6ec538b5_o

لتحميل الكتاب:

أو
https://www.4shared.com/web/preview/pdf/QFFjO3OFfi
لقراءة الكتاب ، تابع للأسفل

اسم العمل : “الأزمة والمصير

اسم المؤلف :لاوند ميركو

نوع العمل :بحث

رقم التسلسل 69

الطبعة: الطبعة الالكترونية الأولى2–تشرين الثاني – 2018م

تصميم وتنسيق ومراجعة : ريبر هبون
الناشر: دار تجمع المعرفيين الأحرارالالكتروني

جميع الحقوق محفوظةللمؤلف

حقوق نشر الكتاب محفوظة للمؤلف والنسخة الالكترونية ملك لدار تجمع المعرفيين الأحرار الالكتروني

https://reberhebun.wordpress.com/

لنشر أعمالكم يرجى الاتصال بـ :

reber.hebun@gmail.com

 

 

 

2

 

 

 

 

لاوند ميركو

 

 

 

الأزمة والمصير

 

 

 

 

 

 

بحث

 

 

 

3

 

الأزمة والمصير

:تمهيد*

 

الاستراتيجيات الأمريكية الهدامة للدوائر الحضارية السبعة في صراع الحضارات

وتنمية الفوضى الخلاقة في مشروع (هنتغتون ) تتقاطع في دائرة الشرق الأوسط مع (بريجنسكي ) في قوس التوتر الذي يستهدف سبعة وثلاثين دولة تبدأ من أفغانستان مرورا بأوكرانيا وصولا لشرق المتوسط وحتى باب المندب بين بحر العرب والبحر الأحمر بالفوضى والتقسيم كشكل جديد لأنظمة الحكم والهيمنة وبسط النفوذ عبر مشروع ( فرانسيس فوكو ياما ) في انماء الهويات الشعبوية وتعدد الرايات وحروب الطوائف والأقليات بالوكالة عن الامبريالية العالمية في حلتها الجديدة فيما سمي بمفهوم التدمير الذاتي للشعوب والمجتمعات المستهدفة وذلك لتتجاوز أزمتها الاقتصادية الدورية والطارئة في وقت واحد وسيطرة القطب الأوحد على العالم برمته وهي ما تم تسميتها بحروب الجيل الرابع أو حرب الوكالة والتدمير الذاتي وتثبيت نظام الفوضى الخلاقة كنظام عالمي جديد.

ظهرت ملامح هذه المخططات في بداية التسعينيات من القرن العشرين بعد انهيار الاتحاد السوفييتي على أثر مشروع البروسترايكا الذي أطلقه حينها الرئيس السوفييتي (ميخائيل غورباتشوف) وأدى الى انتهاء عهد الحرب الباردة التي انطلقت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في الفترة الممتدة ما بين عام 1946 واستمرت حتى عام 1991 حينها قامت الإدارة الأمريكية بوضع الدراسات الرامية لرسم السياسة العالمية للقرن الواحد والعشرون بهدف هيمنة القطب الواحد على العالم وطبعه في سبعة دوائر حضارية بطابع المجتمع الأمريكي.

4

البيئة الاجتماعية في الشرق الأوسط

 

التنوع الاجتماعي في نسيج الشرق الأوسط وغناه الثقافي والفكري تاريخيا حيث الحضارات البشرية المتعددة والمتنوعة وكونه مهد الرسالات السماوية والآلهات الأرضية والسما أرضية والثورة الزراعية الأولى في التاريخ والكتابة المسمارية هذه

المنطقة التي شهدت ظهور الانسان العاقل لأول مرة والتي شهدت ولادة السلطة لأول

مرة عبر الكهنة والألوهيات المختلفة حملت في رحمها ارثا مكثفا وتراثا غنيا جعله

عرضة للحروب والغزوات والأطماع الخارجية ابتداء من استبداد سرجون الأكادي

مرورا بحملات الاسكندر الكبير وهولاكو وتيمور لنك وجنكيز خان وحروب الفرس والرومان والفتوحات الإسلامية بأشكالها المختلفة وصولا لأيامنا الراهنة حيث الهجمات الأشرس والأقسى على الاطلاق لبسط النفوذ والهيمنة وتقسيم المنطقة عرقيا وأثنيا وعقائديا لتسهيل عملية السيطرة بالكلفة الأقل والأقسى فتكا على نسيج الشرق الأوسط عامة.

ان الأنموذج الشرق الأوسطي جيو سياسيا أدى الى تمركز جهود الأطماع الاستعمارية عليه بكونه بوابة للكنز الثقافي الموروث حضاريا ومفتاحا للثروات الباطنية والمائية (الطبيعية) التي تجذب قوى الشر الى ساحات وميادين الشرق وموقعه في شرق المتوسط والذي يمثل العمق الاستراتيجي لأوربا والغرب فيما سمي بطريق الحرير الى الهند وحلب أو خاصرة طروادة على حواف طوروس وزاغروس ومركزا لحضارات الشرق القديمة والمنسية أيضا.

 

5

 

واذا تعمقنا أكثر في البحث حول القاعدة الكونية لأزمات النظام (البنيوية) السائدة في الهرمية

الدولتية والعقائدية المركبة والمعقدة داخليا وخارجيا موروثا ومستوردا لجميع الأشكال المجتمعية في الشرق الأوسط الجيوبولوجية منها والمؤلهة على حد سواء نلاحظ الكم الهائل من التراكم الثقافي المزدوج طبيعيا ووضعيا في جوهر أزمات المجتمعات السياسية والاقتصادية والثقافية ناهيك عن تناول التاريخ الجامد كخط مستقيم يغطيه بوشاح دغمائي مقيت وقاتل يفضي الى نتائج وخيمة وسلبية مدمرة ( القوموية _ العقائدية ) فتطفو القدرية والحتمية المطلقة على السطح في مسعى لفرض التأقلم على المجتمع ذلك أن التاريخ المعلوم والمكتوب مختزل في القضايا أي الحوادث والاشكالات اليومية المسموح وضعيا بمعرفتها وتداولها جزئيا بقناع كلياتي ممهور بقواعد الهرمية العليا والهيمنة .

ان التعرف على طبيعة المجتمع المتأزم يؤدي الى رسم الخطوات البراغماتية والصحيحة لتفادي الأزمات المركبة أصلا داخليا (الموروثات) وخارجيا القادمة عبر الحدود (المستوردات) .

ذلك لأن ثمن تطور الدولة وأشكالها في الاستغلال والهيمنة والاحتكار ينتج المقاومات والتمردات الدائمة والحروب المضادة اللانهائية.

ان تاريخ المدنية الدولتية في الشرق الأوسط حمل معه الينا جانبان أساسيان ومحوران متضادان ديالكتيكيا بين السلطة في قمة الهرم والمجتمع القاعدي في أسفل الهرم ما ساهم بتطوير وتحديث أساليب القمع والاستغلال لدى ألوهيات قمة الهرم

 

 

 

6

وبالمقابل تطوير وتحديث فلسفة الحرية والمساواة والسعي الدؤوب لممارستها من قبل القواعد المجتمعية.

 

الهرمية المجتمعية في الشرق الأوسط

 

يتخذ الصراع القائم على التناقض داخل المجتمع نفسه شكلا طبقيا بين المجتمع الحاكم والمجتمع المحكوم، هذا التناقض القائم أساسا على جهود الوعي والمعرفة المبذولة والتي أخذت مسارها التراكمي زمانيا في سبيل البحث والتفسير عن ماهية الحقيقة الكونية وفك رموز وطلاسم الوجود بأشكال روحانية أو مادية على حد سواء.

يظهر التناقض أصلا في اختلاف أسلوب البحث والتفسير، وتبنى كافة الصراعات بين الجماعات البشرية المتمأسسة في انتهاج الطرائق المتبعة تراكميا وزمكانيا، وما التشوهات الخلقية الظاهرة في الكم الهائل من المجهود البشري والذي يعنى بالبحث والتفسير الا سببا أساسيا في أخطاء المعرفة، والتي باتت عبئا ثقيلا على كاهل المجتمعات وموروثا قاتلا في الوعي المجتمعي ذاته ما شكل نوعا من الصراعات والتناحرات بمسميات مختلفة لإثبات أحقية الأسلوب المنتهج.

ظهور الهرمية المجتمعية كان نتيجة التباعد الناتج في خطوط بيانية منحرفة عن الحقيقة والاختلاف في مسارات وأساليب وطرائق البحث والتفسير وترسبها في الوعي المجتمعي ذاته وتراكمه في ذات الوقت مخلفا أزمات قاتلة تظهر في أوقات عشوائية أو دورية لتفرض واقعا جديدا على أنقاض الواقع القديم لتعود من جديد لرسم معالم العلاقات التي تربط الجماعات والأفراد بعضها ببعض وفق أنماط

 

7

متوافق عليها بين الكل والأنا بين الفوقانية والتحتانية المجتمعية شموليا.

التاريخ كذاكرة مجتمعية موروثة ومتعاقبة في الوعي والادراك الجمعي الكلياتي الشامل حمل الينا أنماطا وأشكالا طبقية متعددة تتناقض فيما بينها وتتشابه في ذات الوقت في تناقل للأدوار حسب الزمان والمكان وفق تسلسل منهجي متماسك أحيانا ومتآكل أحيانا أخر وضعيا أو غيبيا حاملا في أطره وجوهره كل الأنماط والأشكال الثنائية من العناصر الطبيعية واللاطبيعية السمائية البشرية تحت مسمى الشريعة والعقيدة أو الأرضية البشرية تحت مسمى العقد الاجتماعي أو الدستور والقانون.

هذه الثنائيات المتناقضة شكلا ظاهريا ومتممة لبعضها في الوظائف الطبيعية العامة تختلف في تسمية الحقوق كما تختلف في تسمية الواجبات وجاءت عبر العصور في مراحل مختلفة في أسلوب تناولها شكلا ومضمونا فظهرت مفاهيم كثيرة للتفسير والتأويل وتراكمت في الذهن البشري كالقدرية والحتمية المؤطرة عقائديا لتبقى تلك

الجهود المتراكمة تسبح في المجهول كذرات شاردة في فضاءات الوعي والمعرفة من جهة ومفاهيم مفتوحة للتأويل والتفسير كالقوانين الطبيعية المعنوية والمادية في السلوك والأخلاق والمعنى ما أعطى أشكالا جديدة للتناقضات حملت في جيناتها كل الانقلابات والتحولات الثورية والتمردات المجتمعية أفقيا وعموديا لتبدأ مرحلة الهرميات والسلالات تظهر في الوعي والذاكرة المعرفية الجمعية والفردية وتأخذ الأشكال الطبقية المتعارفة لتأخذ الصراعات والتناحرات أشكالا جديدة أخرى أضفت على الجهود البشرية معان جديدة أثقلت كاهل البحث والتفسير بأحمال حرفتها عن المسارات الطبيعية الفطرية للإدراك والمعرفة.

 

 

8

ظهرت الألوهيات المتعددة والواحدية المطلقة الأرضية والسماأرضية والسمائية تسلسليا في الوعي

والذاكرة الفردية والجمعية للإنسان كما وظهرت معها مفاهيم القوة والهيمنة الرفض والقبول السيد والعبد لتأخذ الصراعات والتجاذبات مناح تنتهك معايير العنصر البشري والبيئة ماديا ومعنويا منذ قتل قابيل لأخاه هابيل غيرة وحسدا على جمال زوجته [في التفسير الميثولوجي] وحتى يومنا الراهن.

هذه العقلية باتت أمرا واقعا لا مفر منها ويعتبر تجاوزها خرقا للموروثات المعرفية المتعاقبة ويعاقب كل من يتخطاها أو حتى محاولة النقاش فيها بحجة الكفر والخروج عن المتعارف والمألوف كالمصير الذي لاقاه معظم المفكرين والباحثين عن الحقيقة رسلا وفلاسفة ماديين وروحانيين اصلاحيين وثوريين …. الخ.

فالعبادات الهرمية واحدة الوظائف بين الرومان والاغريق والشرقيين عامة باختلاف المسميات وطرائق التبعية كما وتشترك في مسائل بسط الهيمنة وتجميد الوعي البحثي في البنى المعرفية لحقيقة الوجود وماهيته.

الموروثات الشرقية وقواعدها

ان تاريخ الشرق الأوسط عامة زاخر بالبنى المعرفية والجهود البحثية وعامر بالثقافات المتقاطعة أخلاقيا لدى جميع الحضارات والأقوام والسلالات وحتى لدى

الكثير من الهرميات تتعاقب الأجيال عبر العصور في انتهاجها كسلوك في التعامل

والتعاطي فيما بينها وهي ما أكدته الكثير من الرقم والعاديات المستنبطة أركيولوجيا كعناوين بارزة لحضارات الشرق المنسية والمقصية قسرا عن مسرح الضوء والحقيقة.

 

9

ان الممارسة العملية للأخلاق لدى الأفراد والمجتمعات تتطلب وعيا معرفيا مرتبطا بالبيئة الضيقة الأولى للإنسان من خلال الأسرة أولا عبر التعاطي بناصية الأساليب

المتبعة والتربية من جهة ومن جانب أخر الحفاظ على القيم الموروثة من العناصر الإيجابية المتناسبة مع أليات البيئة في عموميتها والتي تندرج في إطار العادات والتقاليد المجتمعية للشرق الأوسط ومجتمعاتها المتعددة والتي تقع على عاتق البيئة الاجتماعية الحاضنة المكتسبة.

هنا نجد أنفسنا وجها لوجه أمام سؤال يفرض نفسه بقوة يتطلب الإجابة الموضوعية عليه بعيدا عن الانتماءات والهويات المجتمعية [لماذا تستهدف الأخلاق] فالسؤال نصف المعرفة وللوصول الى الحقيقة نحتاج الى طرح الأسئلة الصحيحة حتى نتجنب السقوط في متاهات وغياهب الجهالة الثقافية والفكرية وبالتالي سقوط المجتمع برمته

ذلك لأن التمييز بين الفوارق الطبيعية والفوارق الاجتماعية يتطلب تشخيصا جوهريا واضح المعالم في معرفة العوامل المؤسسة للتجزئة والتخصص وبالتالي معرفة قواعد التمايز الاجتماعي كون الازمات الاجتماعية لا تتعلق بالفوارق الطبيعية رغم تأثرها بها مرحليا فتنمو الازمات في إطار ما يسمى الفوارق الاجتماعية التي تسببها الازمة الأخلاقية للمجتمع ذاته فتولد الازمات السياسية والاقتصادية وتتشعب التسميات والمفاهيم المتوالدة كهزات ارتدادية تأتي عقب الزلزال الأخلاقي المدمر لتضرب المجتمعات بعينها وتؤثر سلبا على المجتمعات الأخرى في ضفاف مركز الازمة ومحيطها.

هنا يخطئ من يخلط بين المفاهيم عمدا أو جهالة سيما وإننا نتفق على ان الازمات الاجتماعية مرتبطة بالإنسان فردا وجماعة والخلط بين الأمم والاجناس في اطارها العام يعتبر ضربا من الخطأ ذاته لأن

 

 

10

السمات الأساسية للأمم ترتبط بالجغرافيا والثقافة بينما سمات الأجناس بيولوجية فتكون الهويات

والانتماءات في المجتمع الواحد وفق الفرز الجنسوي للأفراد فتتم هندسة المجتمعات البشرية وفق هذه المعايير فصلا أو دمجا حسب مصالح الشرائح المسيطرة والمستفيدة من سلطة الجماعة البابوية أو العسكرية أو رأس المال العالي جدا

هنا يمكننا القول إن هندسة المجتمعات بشكل خاطئ يؤدي الى نشوء الأزمة

المجتمعية وموروثات الشرق مؤهلة جدا وبسهولة لخلق الأزمات.

 

الأخلاق ودورها في التأزم والحل

 

مهد الحضارات ومهد الرسالات عناوين بارزة تتصدر المشهد الشرقي منذ الأزل تم حقنها في مراحل مختلفة بصراعات الهيمنة لتتطبع زمانيا بالاختلاف والتناحر فتسود الصراعات على حساب الحضارات والرسالات فتستمر تصاعديا حتى يومنا الراهن

نتيجة التراجع المهول في نمط العلاقات المجتمعية والفردية ذات الطابع الأخلاقي التي تتسم بها الحضارات الشرقية ورسالاتها السماوية.

فالمجتمع هو المحرك الأساسي للتاريخ وبالتالي فالأخلاق هي المحرك الأساسي للمجتمع هنا لا يمكن تسمية المجتمع بلا اخلاق تنظم العلاقات بين الافراد ولايمكن تسمية التاريخ بلا مجتمعات واحداثها فالأخلاق هي العامل الأساس في بنية المجتمعات وهي في الأصل تشكل الجوهر المقدس للرسالات

11

ومصدر القوة للحضارات فكلما اختزلت الاخلاق نمت الصراعات وكلما نمت الاخلاق ازدهرت الرسالات والحضارات وبالتالي يراوح المجتمع تصاعديا وتنازليا حسب تضاؤل الاخلاق او نموها.

تنظيم العلاقات داخل المجتمع الواحد تحكمه وترسي قواعده الاخلاق تحت سيادة الضمير ومتابعته اللحظية للمواقف والسلوك أسلوبا وممارسة فالقضاء على الاخلاق المجتمعية يعني بالضرورة انحلال المجتمع وامحاءه وإيقاف سيرورة التطور قسريا مهما تم ردفه وترقيعه بمفاهيم ومصطلحات براقة.

المرحلة الأولى من هندسة المجتمعات وفق عماد الاخلاق يقع على عاتق التربية بشقيه الداخلي الاسري والخارجي المؤسساتي فالأسرة تضع اللبنة الأولى في تمأسس الاخلاق في الشخصية والفرد وتساهم في تبلور الكينونة المستقبلية للشخصية وتحدد مسارها منذ الخطوة الأولى لنمو الفرد داخل المجتمع ومؤسساته.

التربية التي تأخذ الطابع الأصولي تنتج شخصية أصولية والتربية التي تأخذ طابعا متطرفا تنتج الشخصية المتطرفة وهكذا دواليك وبالتالي تتضخم الاشكال المختلفة للشخصية داخل المجتمع حتى تنفجر عند تماسها مع سقف وإطار هذا التجمع لينهار كل تاريخها في ليلة وضحاها نتيجة الكم الهائل من الشخصيات التي لاتستوعبها بوتقات مجتمعية مشتركة.

أما المرحلة الثانية من مراحل هندسة المجتمع فتقع على عاتق البيئة الخارجية والمحيط المجتمعي مؤسساتيا دولتيا كان أم عقائديا قبليا أو مهما كان اطاره الجامع ليؤثر في بناء شخصية الفرد هنا تعترضنا حالتان فاما أن تكون هذه المؤسسات متممة

للمرحلة الأولى من مراحل بناء الشخصية أو تكون مناقضة للمرحلة الأولى والتربية الأسرية وفي كلتا الحالتان تتطور الشخصية بشكل بطيء لا تتناسب مع حجم التطور المنشود أو الأهداف

12

والمخططات المرسومة لتساعد في عملية ترتيب الازمة المجتمعية أخلاقيا بشكل أوضح من تجنبها وتفاديها.

للمناهج التعليمية والقوانين المدرسية الدور الأساس في بناء شخصية الفرد ضمن المجتمع وهي العامل الأساس في صقل وبلورة الشخصية المستقبلية لضمان

استمرارية هذا المجتمع او ذاك مرتبطا بالتنوع المتسلسل للمواد التعليمية التي تتناولها هذه المؤسسات منهجيا مترابطا وفق كافة المراحل العمرية وما الضير في توافق الشرائح المجتمعية على الخطوط الأساسية للمناهج المعرفية والتعليمية في العقود الاجتماعية او الدساتير ضمن الأطر الواحدة.

والسلوك الإنساني أيضا مرتبط ارتباطا وثيقا بالتربية المستندة الى البستمولوجيا أي البنى المعرفية والوعي المجتمعي لدى الفرد الواحد تماما كما الادراك والذكاء وحتى الحدس كلها قضايا ومفاهيم مساعدة لتحديد سير المجتمعات قدما الى الامام او الى الوراء على حد سواء.

هذه المفاهيم وغيرها مسؤولة بشكل مباشر عن تحديد كينونة المجتمعات لذا يجب على المجتمعات البشرية ان تعي هذه المفاهيم لتحدد بشكل سليم كل الافرع الناتجة عنها في وقت لاحق وتقع على عاتق النخب الريادية توضيحها بالشكل السليم.

بات من الواضح بمكان أن إعادة الاعتبار لمنظومة القيم الأخلاقية مرتبط أساسا بتحصين الانسان الفرد أولا ثقافيا ومعرفيا ونبش الماضي بحثا عن جذور الخير في ثوابت المجتمعات المأهولة والمهجورة منها أي إعادة قراءة التراث والقيم المجتمعية بما يتوافق مع علمانية الدولة والمجتمع.

 

 

13

الميتافيزيقيا الشرقية ودورها في نمو الوعي المجتمعي

 

لعبت الميثولوجيات الشرقية بشكل عام والديانات المختلفة بشكل خاص دورا رياديا في تنمية الوعي المجتمعي وترسيخ المفاهيم الميتافيزيقية داخل العلاقات المجتمعية

في الشرق ما أدى لزيادة الرؤى الطوباوية وتنامي دور الحتميات والقدريات في انتهاج الأسلوب والتفسير والبحث عن الحقيقة بشكل طاغ على مجمل اليات الثقافات المختلفة والتفكير ورواج منطق التأمليات.

ان انتهاج الميتافيزيقيا وحلول ما وراء الطبيعة ساد ردحا من زمن التاريخ البشري حتى صار حجر عثرة امام تطور العديد من المجتمعات نتيجة التصلف الزائد في الانتهاج ما حمل معه كوارث عديدة ساهمت في جمود الفكر والوعي المجتمعي والاعتماد على المطلقيات والكماليات المؤلهة في إطار العلاقات البشرية والمجتمعية وساهمت في خلط المفاهيم والمصطلحات وتداخلها بشكل سمج لا يتناغم مع أي منطق او أسلوب او تعبير في سبيل العمل والمحافظة على شكل السلطة والهيمنة القائمة والمتوارثة أصلا.

بصورة عامة لعبت الميتافيزيقيا دورا سلبيا في مراحلها المتقدمة بعكس فترة ولادتها

الأولية حيث كانت تساهم في ضبط العلاقات المجتمعية وتنتقل بسلاسة بين الطبع والتطبع بين الفطرة والاكتساب وفق توافقات جمعية تشاركية ولكنها عجزت عن مواكبة الانفتاح الفكري وحافظت على انغلاقها في بوتقتها القديمة خشية الاضمحلال والخروج عن صفحات التاريخ مهزومة أمام

 

14

المفاهيم الحديثة الملائمة لعصور التطور المختلفة غير مأسوف عليها نتيجة السلوكيات اللاأخلاقية

التي مورست وتمارس باسمها مستخدمة شعاراتها للترويج وايهام العقل البشري انها بخير خاصة تلك التي تستخدم الديانات والعقائد وفق طرائق ومذاهب مختلفة لتشريع تواجدها وفرض هيمنتها بكافة السبل والوسائل من ترغيب وترهيب وتنبيذ وما شابه.

 

الديانات وأشكالها

 

ظهرت الديانات في أنماط التعايش المجتمعي كشكل من اشكال الأسلوب والتفسير وأدخلت عنوة في البنى المعرفية للوعي المجتمعي كشبكة عنكبوتية واهية الخطوط والقواعد معتمدة مبادئ التأمل والروحانيات في إضفاء الشرعية على تواجدها داخل العلاقات المجتمعية فكرا وثقافة وقوانين فوق البحث والتساؤلات وبأحكام تصدر من جهات غامضة لا يحق للعقل البشري سبر أغوار تلك الجهات أو الاقتراب منها طواعية ما أدى الى الانسداد في الذهنيات المجتمعية للأفراد في الحكم المطلق

ويجعل من التساؤلات المطروحة حول دور الأديان في تنظيم العلاقات المجتمعية ذو أهمية خاصة.. لماذا تحولت الأديان من وسائل جامعة الى وسائل تستخدم في تفريق المجتمعات وبات البحث في تفاصيل الأديان وجوهرها كفرا يستوجب القصاص

نحن لا نستطيع تبرئة الأساليب الخاطئة في الوصول الى النتائج الكارثية كما لا يمكن تحييد علم الاجتماع والبحث عن مجريات التاريخ وهو المسؤول المباشر عن سلوكيات الافراد والجماعات.

 

15

الرادع الوحيد في علوم السلوك لا يمكن ان يكون غامضا غيبيا بقدر ما هو معلوم وواضح فالضمير سيد الاخلاق ابدا وهو الحاكم المتربع على عرش الالوهية في التكوين البشري والمجتمعي والا فالطريق للمستقبل موبوء بالفشل والعقد والأزمات الممنهجة وفق مصالح الشرائح المهيمنة وبكافة السبل اللاأخلاقية.

عندما نقوم بإسقاط ما تناولناه سابقا على حاضرنا ونحاول الربط ما بين الماضي والحاضر نظريا تتوضح في اذهاننا الصورة المستقبلية بشكل غير قابل للشك ووفق المنطق الفكري للحضارات المجتمعية الموروثة

ونتعرف على أسباب الانحطاط الفكري وبالتالي الانحطاط الاجتماعي عامة بجميع محاوره السياسية والأخلاقية والاقتصادية والتفكر بأساليب جديدة تمنع عنا حاضرا ومستقبلا السقوط في تبعات الخطيئة الكبرى

البيئة والمناخ عناوين تصدرت المحاولات الرامية لفك عقد الازمات المجتمعية ومنها نتناول بعض الجهود التي انطلقت في ريودي جانيرو في البرازيل أثناء انعقاد قمة الأرض عام 1992 لبحث أسباب الفقر ومحاربته فكانت ما بات يعرف بالتنمية المستدامة. نحاول تسليط الضوء على حيثياتها وجوانبها املا بسد بعض الثغرات التي ترافق المجتمعية في سيرها قدما نحو الحضارة.

 

الاقتصاد المجتمعي والتنمية المستدامة

 

 

16

بالمفهوم العام تتناول قضية الإنتاج وزيادته وتطوير القدرات والمهارات الفردية التي تساعد في زيادة هذا الإنتاج وتكوين السلع الصناعية والزراعية.

اهم العناصر التي يتوجب توفرها لتحقيق التنمية المستدامة هي:

 

1 / المواد الأولية

2 / الطاقة

3 / الإدارة

نلاحظ ان هذه العناصر ترتبط ارتباطا وثيقا بالطبيعة بمكوناتها وعناصرها الأساسية [البيئة والانسان] واستهدافهم يعني بالضرورة الانحراف عن قوانين الطبيعة وتوازناتها بمكوناتها الحية وغير الحية على السواء واستغلال الموارد الطبيعية بعيدا عن الاستنزاف والتطرف في الحصول عليها لتامين الاستمرارية للأجيال اللاحقة أيضا من اساسيات التنمية المستدامة.

 

ماهية التنمية المستدامة

 

مصطلح اقتصادي اجتماعي متفق عليه فعندما نقول انه اقتصادي فهذا يعني انه يتناول الموارد الطبيعية والطاقات المتجددة والغير متجددة ووسائل انتاجها وسبل تطوير هذه الوسائل أي كل ما يتعلق بالإنتاج السلعي. وعندما نقول انه اجتماعي فهذا

 

17

 

يعني انه يتناول الافراد والمجتمعات ونشاطاتهم ومجهوداتهم للاستمرارية والبقاء.

فهو مصطلح مركب متعدد الاتجاهات يعنى بالعناصر الأساسية للطبيعة والحفاظ عليها بدون استنزاف واستهلاك. أي بمعنى أخر هي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات وكذلك الاعمال التجارية بشرط تلبية احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها.

الاستهلاك العشوائي لمصادر الطاقة الغير متجددة والتي تتناقص تدريجيا بفعل فاعل الا وهو الجشع البشري وحب التملك والسيطرة يخلق أزمات تنتج عن الخلل الذي يصيب التوازنات الطبيعية ما يؤثر سلبا على الذهنية المجتمعية وبناها المعرفية وعلاقات الانسان بالإنسان وبالتالي على مجمل العلاقات المجتمعية في ظل استمرار الطلب والحاجة اليه ما يؤدي للقول من ان البيئة هي المسرح الحقيقي لكل عمليات التنمية المستدامة ومنها تأتي الحاجة الملحة للصداقة مع البيئة وحمايتها والعمل على الحفاظ عليها من الاضطهاد والفناء.

فاتخذ المجتمعون في قمة الأرض مجموعة من الخطوات الملزمة للحد من عملية التلوث البيئي ونشر مبدأ التنمية المستدامة وفق البنود التالية:

1/ مساعدة المجتمعات الفقيرة على تطوير مصادر دخلهم لمنعهم من تدمير عناصر البيئة من حولهم.

2/ تشجيع المشاريع الملائمة لكل منطقة حسب ظروفها البيئية.

3/ تشجيع المبادرات الفردية والمجتمعية لإقامة المشاريع التي تلائمهم.

4/ تطوير مهارات المجتمعات الفقيرة لرفع مستوى حياتهم.

5/ خلق مصلحة مشتركة بين الانسان والبيئة بحيث ترتبط البيئة بارتفاع مستوى حياته.

18

6/العمل على زيادة الوعي حول الطاقة المتجددة ك طاقة الرياح والشمس والمياه وغيرها من اجل التقليل من الاعتماد على الطاقات الأحفورية المتناقصة.

 

أركان التنمية المستدامة

 

ان أي عملية تنموية تحتاج لشروط وأركان تساعد على ترجمتها في الواقع

المجتمعي سياسيا او أخلاقيا او اقتصاديا وتحتاج الى تضافر الجهود المرتبطة بالوعي والادراك لمعرفة أهمية بناء العملية التنموية بخطوات صحيحة لهذا لا يمكننا الحديث عن التنمية المستدامة بدون توفر الأركان الأساسية التالية:

 

1/ النمو الاقتصادي والتنمية

2/ المساواة في حفظ الموارد الطبيعية والبيئية

3/ العدالة الاجتماعية والتنمية الاجتماعية

 

إذا ان اهم التحديات التي تواجه عملية التنمية المستدامة هي الفقر وكيفية القضاء عليه من خلال التشجيع على اتباع أنماط بانتهاج واستهلاك متوازنة دون الافراط في الاعتماد على الموارد الطبيعية.

19

الجهد الذي بذلته البشرية في القرنين الأخيرين في هذ الشأن حتى الأن اقتصر على إقامة المؤتمرات والاجتماعات التي اسفرت عن قرارات هامة ولكنها بقيت أسيرة الأطر النظرية في ظل انعدام الإرادة الكفيلة بترجمتها على ارض الواقع نتيجة بحث

رأس المال عن الربح وعدم التفريط في العامل الزمني لتحقيق ذلك بالإضافة لضعف

وانعدام قدرات المؤتمرين وأليات التنفيذ لديهم رغم تبني منظمة الأمم المتحدة اغلب هذه المؤتمرات في القرن الماضي وحتى بداية هذ القرن وسنأتي في الحديث عن

بعض هذه الجهود التي بدأت في التداول بعد الشعور بالنتائج الكارثية المضرة بالبيئة الناتجة عن الثوة الصناعية وضرورة البحث عن البدائل الصديقة للبيئة حفاظا على التوازن الطبيعي وقوانين الطبيعة والبحث في أليات العمل على التصدي للمجزرة التي تستهدف استنزاف البيئة والموارد الطبيعية دون ضوابط أو روادع قانونية تذكر وما نتج عنها من فقر وجوع وتصحر واحداث شرخ وخلل في التوازنات البيئية والطبيعية بشكل عام.

 

ظهور الحركات البيئية

 

منذ نشوء الحرب الباردة بين المنتصرين في الحرب الكونية الثانية عام 1945 وبدء

ما سمي بسباق التسلح بين قطبي العالم أنذاك وبزوغ فجر العصر النووي انتشرت المخاوف من أشكال التلوث الناتج عن الاشعاعات القاتلة وبث الغازات المختلفة في الجو من مجمل المصانع

20

بأشكالها المختلفة صغيرة أو عملاقة كانت باسم الثورة والتطور الصناعي في كامل الكرة الأرضية أدى ذلك الى ظهور ما يعرف بالحركات التي تعنى بالشأن الأيكولوجي وتطور تلك الحركات لتفرز فيها اختصاصات مختلفة تصب جميعها في خانة الحفاظ على البيئة والتوازن البيئي وحتى المجتمعي أيضا.

ومع صدور كتاب الربيع الصامت لراشيل كارسون في عام 1962 والتي ألقت فيه الضوء على مخاطر الافراط في استخدام وصناعة المبيدات الزراعية حيث شددت على أهمية احترام النظام الايكولوجي للطبيعة الام حفاظا على صحة البيئة والانسان في أن واحد.

اول ما رأى الانسان الكرة الأرضية من الفضاء الخارجي كان في عام 1969 حينها تحولت الرؤى البيئية في أذهان البشرية الى ظاهرة عالمية تلقى الاهتمام الواسع ما جعل الأمم المتحدة تعقد اول مؤتمر عالمي للبيئة البشرية عام 1972 في استوكهوم في ظل التنامي المستمر للاهتمامات العالمية بالاستغلال المستدام لموارد الأرض اسفرت حينها عن وضع منهاجا بيئيا مؤلفا من 19 مادة طرح في البيان الختامي بحيث أصبح صون البيئة البشرية وتحسينها هدا لا سبيل لبني الانسان الا تحقيقه أعطت نتائج مؤتمر استوكهوم زخما قويا للحركات والنشاطات البيئية ما اسفر عن قيام الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة في كانون الأول / ديسمبر من عام 1972 أيضا.

اهم أولويات برنامج الأمم المتحدة للبيئة تأتي ضمن الجوانب البيئية للكوارث والنزاعات وإدارة النظم الايكولوجية والإدارة البيئية والمواد الضارة وكفاءة الموارد وتغيير المناخ.

نستعرض لمحة عن المؤتمرات المنعقدة في هذ الشأن:

 

21

1992 / مؤتمر الأرض في ريو دي جانيرو بالبرازيل.

1992 / اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي.

1994 / اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر والجفاف.

1994 / دورة الجمعية العامة الاستثنائية للدول الجزرية النامية [بربادوس].

1996/ مؤتمر الأمم المتحدة الثاني للمستوطنات البشرية في إسطنبول.

1997 / عقدت الجمعية العامة قمة الأرض +5.

1999/ دورة استثنائية للجمعية العامة عن الدول الجزرية الصغيرة النامية [ نيويورك ].

2000 / مؤتمر قمة الالفية [نيويورك] وفيه تم اعتماد الهدف /7/ الذي يسعى الى كفالة الاستدامة البيئية.

2002/ مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة [جوهانسبورغ].

2005 / مؤتمر القمة العالمي.

ما نسعى اليه من خلال هذ العرض عن مبدأ التنمية المستدامة وتسليط الضوء على أهمية النظام الايكولوجي البيئي وضرورة الحفاظ عليه من الاستنزاف المفرط للموارد من قبل المجتمعات المختلفة تلبية للحاجات الأساسية لتأمين الاستمرارية للنوع البشري والحفاظ على التوازنات الطبيعية ومنها التوازن البيئي.

 

22

الاشكال الاقتصادية السائدة في العالم والتي اخذت تسميات مختلفة منذ التوافق بين القوى المتسيدة مجتمعيا [مكونات السلطة] والتوافق والتهادن فيما بينها وتوزيع الأدوار المهيمنة على ابعاد سلطة المجتمع الثلاثية العسكرة والمال والإدارة ظهرت لدينا العديد من المدارس الاقتصادية وبات لها مريدون ومنظرون للترويج لصوابيتها وضرورتها لتأمين احتياجات المجتمع ما يعطي المتتبع للتاريخ الاقتصادي فكرة أن السلوكيات المتتابعة في انتهاج المسالك الاقتصادية والإدارية والعسكرية وحتى كافة السلوكيات المجتمعية الدنيا وفي قمة الأهرامات المجتمعية عامة تنتهج طرائقها لتثبيت أركانها ودعائمها فقط حتى لو كانت تلك الوسائل متأزمة أخلاقيا وماديا ومعنويا ما يؤثر سلبا على كافة مناحي التطور وعلى أنواع وأشكال العلاقات بين الأفراد والجماعات على حد سواء.

السلوكيات المتبعة في الإدارات الاقتصادية بصورة خاصة فرضت هيمنتها على باقي مكونات السلطة في عصرنا الحالي وقيدتها وسخرتها في خدمة مأربها تلبية لمفهوم الربح الأعظمي والقيمة الزائدة لتتوجه مسيرة التاريخ البشري نحو ازماتها المتتالية الدورية منها والطارئة وتجرنا نحو أهوال تتعدى حدود الوعي المجتمعي والبنى المعرفية السائدة.

 

الطرح البديل لتفادي الأزمات

 

لا يمكن الاعتماد على أي خيار يطرح كبديل علمي لتفادي الازمات وتجنب الوقوع فيها أو حتى مواجهتها لأن طرح الخيارات يسلب الفرد ويحجم من حرية طاقاته الإبداعية في إيجاد الحلول ويحدد له مسارات الاختيار واتخاذ القرارات المناسبة في هذ الشأن أو ذاك أي بمعنى أخر يفرض عليه

 

23

أشكالا محددة من السلوك.

ومن كل ما سبق نستخلص أن:

 

1 / قضية الصداقة مع البيئة تأتي في أولوية المعارف التي يتوجب ترسيخها في البنى المعرفية للمجتمع لإعادة الحفاظ على القوانين الطبيعية والتوازنات ونقلها كموروثات تاريخية في الوعي والادراك العام وانتهاجها كسلوك معرفي عام.

2 / ريادة المرأة لكيانها كطرف بنيوي من أطراف أحد أهم العناصر الموجودة في الطبيعة وهي الانسان وعودتها الى مسرح الحياة بما يليق بمكانتها الطبيعية في المجتمع بعيدا عن القوانين الذكورية الوضعية أو التشريعات الغيبية واطلاقها كطاقة كامنة تعيد للمجتمع شكله الطبيعي.

3 / فصل الأحكام الغيبية والوضعية عن القوانين والأحكام الطبيعية لمنع التدخل الخارجي في شؤون التوازنات الطبيعية للمجتمع والابتعاد عن الميثولوجيات والميتافيزيقيات في السلوك والتفسير للفصل بين السلطات وفصل الدين عن الدولة وعدم تدخلها في شؤون الافراد والجماعات البشرية.

4 / إعادة النظر في البنى المعرفية المتداولة في المجتمعات المتأزمة لعودة الاصالة المعرفية لتحديد السلوكيات المنتهجة والطرائق البديلة لكل المعرفيات الدخيلة والعابرة للمجتمعات والمناطق وايلاء التربية المجتمعية أهميتها المختزلة.

5 / احياء الثقافات المنسية والمقصية للجماعات البشرية اللا متدولة والبحث فيها لتمتين أواصر الترابط واللحمة وفق تشاركيات جامعة في الواجبات والحقوق وإيجاد أليات تحميها كتراث يحفظ

24

ذواكر الشعوب.

6 / ضوابط العلاقات المجتمعية تستوحى من الأخلاق والضمير كرادع حي لتجنب الخطيئة.

7 / الاستفادة المجتمعية الكلية من الموارد الطبيعية وتوزيعها بشكل عادل بين أطراف النسيج المجتمعي الواحد.

 

ان كل الأفكار والاطروحات التي حاولنا البحث فيها وتسليط الضوء واسقاط ذلك على بعض الجوانب المتعلقة بمراحل الأزمة السورية من خلالها ما هي الا محاولة في البحث والتفسير بعيدا عن قناعاتنا في التأويل المستورد أو المصنع من خلال الموروثات المجتمعية المعاشة ماضيا وحاضرا بعيدا عن الحتميات والمفاهيم المطلقة أو المشوهة معرفيا في فكر المجتمعات الشرقية وحضاراتها المنسية يعطينا تصورا حول ماهية الأزمة المركبة خارجيا وتكويناتها المركبة داخليا والتي استطاعت الاستراتيجيات الامريكية من اختراقها والتسلل عبرها الى قاع المجتمعات الشرقية وتفجرها وتصل بها الى قمة الانحلال الخلقي والمجتمعي وضرب أسس التعايش المشترك بين اطيافنا السورية مستفيدة من الأيديولوجيات القاتلة والهويات الشعبوية التي بشر بها فوكو ياما وأعلن عن ميلاد وقيام ممالك الطوائف الحجرية على ركام الانسان السوري في زمن عجز فيه التاريخ عن ترجمته في صفحاته المنيرة خجلا من تعدد الرايات القادمة من باطن وغياهب كل الأفكار السوداء التي عصفت بنا مستندة الى أيات عفى عليها الزمن واندثر……

 

 

27 / 9 / 2018

25

 

أضف تعليق